البحث في فهارس المكتبة:

فاطمة عليها السلام المرأة التي لو كانت رجلا لكانت نبيا

فاطمة كانت نبيا
مجلة الوارث 72

مكانة فاطمة عليها السلام

كان الرسول والأئمة الأطهار أنواراً محدقين بالعرش قبل أن يخلق الله العالم، كما تفيد الأحاديث المتواترة لدينا. وجعل لها من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله، وقد قال جبرائيل، كما ورد في روايات المعراج: «لو دنوت أنملة لاحترقت» كما ورد عنهم عليهم السلام: «مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل».

إن هذا من أصول مذهبنا، فمثل هذه المنزلة كانت للأئمة، وهي تنطبق – وفقاً للروايات – على فاطمة الزهراء عليها السلام أيضاً، ولا يعني هذا أن تكون خليفة أو حاكماً أو قاضياً، بل هي شيء آخر أبعد من الخلافة والحكومة والقضاء، لذلك فإن قولنا: إن فاطمة لم تتولّ الحكم أو الخلافة أو القضاء، لا يعني تجريدها من منزلة القرب تلك، أو أنها امرأة عادية أو شخص من عامة الناس.

* الزهراء عليها السلام ليست امرأة عاديّة

إن مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة، وللإنسان، تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام.

لم تكن الزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية… امرأة ملكوتية… كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة… نسخة إنسانية متكاملة… امرأة حقيقية متكاملة… حقيقة الإنسان الكامل، لم تكن امرأة عادية، بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان… بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة. إنها المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء… المرأة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً… ولو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

* فاطمة عليها السلام وجبرائيل عليه السلام

نرى أننا قاصرون في الحديث عن الصديقة الزهراء عليها السلام، لذا سنكتفي بذكر حديث نقله (الكافي) الشريف بسنده معتبر، فقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «عاشت فاطمة عليها السلام بعد أبيها صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وسبعين يوماً قضتهن في حزن وألم، وخلال هذه الفترة زارها جبرائيل الأمين وعزّاها بمصابها وأخبرها ببعض ما سيحدث بعد أبيها».

يشير ظاهر الرواية إلى أن جبرائيل تردد عليها كثيراً خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً، ولا أعتقد أن مثل هذا قد ورد بحق أحد غير الطبقة الأولى من الأنبياء العظام… فعلى مدى خمسة وسبعين يوماً أتاها جبرائيل وأخبرها بما سيحصل لها وما سيلحق بذريتها فيما بعد، وكتب أمير المؤمنين عليه السلام ذلك، فهو كاتب الوحي.

فكما أنه كان كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وطبيعي أن الوحي بمعنى نزول الأحكام كان قد انتهى بوفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم – كان كاتب وحي الصديقة الطاهرة خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً أيضاً.

أي إن موضوع ورود جبرائيل على شخص ما ليس بالموضوع الاعتيادي، فلا يتبادر إلى الأذهان أن جبرائيل يأتي إلى شخص، إن مثل هذا يستلزم تناسباً بين روح هذا الشخص ومقام جبرائيل، الروح الأعظم سواء أمّنا بأن هذا التنزيل على هذا النبي أو ذلك الولي يتمّ عن طريق الروح الأعظم يأتي به إلى المرتبة الدنيا، أو أن الحق المتعال هو الذي يأمره بالنزول وتبليغ ما يؤمر به… سواء قلنا بذلك الذي يؤمن به بعض أهل النظر، أو قبلنا هذا الذي يردده بعض أهل الظاهر، فما لم يوجد تناسب بين روح الشخص وجبرائيل الذي هو الروح الأعظم، فإن هذا الورود لن يتحقق.

وإذا ما كان هذا المعنى وهذا التناسب متحققاً بين جبرائيل، وهو الروح الأعظم وأنبياء أولي العزم مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيسى وموسى وإبراهيم عليهم السلام، فهو لا يتوفر لمن عداهم، كما أنه لن يتحقق بعد الصديقة الزهراء عليها السلام لأي أحد.

حتى بالنسبة للأئمة عليهم السلام لم أجد ما يشير إلى ورود جبرائيل بهذا النحو على أي منهم، بل الذي رأيته أن جبرائيل تردد كثيراً على فاطمة الزهراء عليها السلام خلال الخمسة والسبعين يوماً هذه، وقد أخبرها بما سيحدث لذريتها من بعدها، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب ذلك…. .

على أيّة حال، إنني أعدّ هذا الشرف وهذه الفضيلة أسمى من جميع الفضائل التي ذُكرت للزهراء رغم عظمتها كلها، وهي لم تتحقق لأحد سوى الأنبياء، بل الطبقة السامية منهم، وبعض من هم بمنزلة من الأولياء.

شاهد أيضاً

The Warith Magazine Issue 6

– by: The Department of Islamic Studies and Research of The Holy Shrine of Imam …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *