البحث في فهارس المكتبة:

سطور في حواشي مقام الإمامة الأعظم

مجلة الوارث - العدد 99*نزار حيدر

عادة تكون القصص متكونة من مقدمة ومضمون وخاتمة وخلاصة نأخذ منها العبرة والدروس ولكن في هذه القصة لا توجد مقدمة ولا توجد خاتمة لأن المقدمة معنى والخاتمة رمز وما بينهما من الكلام رموز وإشارات فيتيه الزمان في دوامة المكان ويختصر المكان في قالب الزمان وكل شيء يذوب في بركان وهمه وبحر ظلاله فلا يكون أي وجود للخيال في ساحة كلها شمس وأيضاً محاطة بالشموس من كل الأطراف ومن جميع الجهات فأي ظل سيبقى بين هذه الشموس يا ترى؟

وفي هكذا أجواء وإذا بصوت ملائكي من مغرب الوجود ينادي يا ملك المشرق ما بال الخلق لا يفقهون حقيقتهم ولا يعرفون حدودهم؟

فجاء الصوت من المشرق ضاحكاً: ماذا سمعت منهم مجدداً حتى تقول هذا الكلام!

فجاء الصوت من المغرب: لقد سمعت شخصين من عالم الوهم والخيال وكان أحدهم يقول للآخر أنا وأنا وأنا وأنا.

فمن هم يا ترى حتى يقولوا نحن؟

فجاء الصوت من المشرق: وأين إشكالك يا صاحب المغرب؟

فقال صاحب المغرب: ما هو إشكالي؟ هل تمزح معي أم أنت جاد في سؤالك؟

هل نسيت أنّ الذي يقول أنا فقد نازع الحق سبحانه في تفرده فالموجود الوحيد الذي يقول أنا هو الله جل شأنه.

فقال صاحب المشرق ضاحكاً بصوت عالٍ: وهل نسيت أنّ الموجودات الخالقة قالت وتقول مراراً أنا أنا أنا؟

ألم تقل الموجودات الأولى أنا أحيي وأميت وأنا الأول وأنا الآخر وأنا وأنا.

فقال صاحب المغرب: لا شك أنَّك تريد أن تقتلني بهذه الرسالة وإنِّي أعجب لماذا لم تقضِ عليك الموجودات الأولى إلى هذه اللحظة مع أفكارك هذه؟

يا صاحب المشرق ألم تقرأ في زبور الوجود الأول أن هذه المخلوقات مخلوقات لا فرق بينها وبين الله فهم مثل الأعلى الذي ليس مثله شيء؟

فهذه الموجودات هي الوحيدة التي تقول (أنا) لأنّها لا فرق بينها وبين خالقها وعندما تقول (أنا) فإنَّها تشير إلى فنائها في ذات خالقها فلا تقترب من تلك الذوات والموجودات لأنّها ممسوسة في ذات الله.

فهي مظهر المتكبر والجبار والقهار والمصور والجليل وغير ذلك.

فهم الذات والموجودات التي مثلت وجسدت في عالم الوجود الأسماء الحسنى لله! فهي بذلك الذوات التي لا فرق بين أنانيتها وأنانية خالقها لأنّها أنا واحدة.

فجاء الصوت من المشرق ضاحكاً: أنا أعرف هذه المعاني ولو شككت بها لاحترقت كما تعرف ولكن أنا أحب أن أغيضك قليلاً.

فالكل يعلم بأنّ الأنا التي جعلت إبليس رجيماً حين قال (أنا خير منه)، وأنّ الأنا التي قالها فرعون (أنا ربكم الأعلى) تلك الأنا التي قهرته، وأنّ الأنا التي جعلت النمرود أضحوكة حين قال (أنا أحيي وأميت) إنّما هي أنا نازعت أصحاب الأنا سلطانهم الحقيقي! فمن هم هؤلاء حتى يقولوا أنا؟

فكل من يقول أنا غير محمد وآل محمد الأطيبين الأطهرين في عالم الخلق فقد نازع آل الله سلطانهم الذي جعله الله لهم ونهايته ستكون نهاية إبليس وفرعون والنمرود بل ربما أكثر إذ إنّ آل محمد فقط من يمكنهم السيطرة على الأنا فلا تخرج عن عبودية خالقهم وأما غيرهم فإنّ الأنا عنده هي عبودية الهوى والنفس ومن هنا تأتي الكارثة في منازعة آل الله سلطانهم.

شاهد أيضاً

صدر العدد الجديد من نشرة اضاءات فكرية

#نشرة_اضاءات_فكرية العدد الرابع لتحميل العدد اضغط على الرابط التالي: https://online.fliphtml5.com/fsffe/zzry/#p=1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *