البحث في فهارس المكتبة:

لوحـة العبــادات في مرسم العقيدة

مجلة الوارث - العدد 98*حيدر الوائلي

* عندما ترسم العقيدة لوحة العبادة فإنّ الناتج سيكون ما يلي:

* قصة تبين الفكرة: عندما تكون في وسط النور وفي نفس الوقت لا ترى شيئاً، وعندما تكون في وسط محيطات من المياه الطيبة والنقية وفي نفس الوقت لازلت تشعر بالعطش فأنت بلا شك تسكن قرية إبليس حيث كل شيء عبارة عن لا شيء ولا يسمع فيها سوى صوت الأنا الذي يغذي كل شيء وتطرب له آذان كل شيء فأصبحت الإله بعدد الأهواء الموجودة في تلك القرية الإبليسية.

وحتى لا يذهب بنا الوصف كثيراً في القرية وأهلها فإنّي سأتوجه مباشرة إلى منزل المعلم السماوي الأكبر الواقع بمحاذاة حدود هذه القرية.

فقد وجدته هناك وقد كان وحاله كحال الزائر بين يدي مضيفه أو بمعنى آخر كان كحال الزائر الذي اجتمعت فيه كل صفات الأدب والذوق!

فقلت له: أهذه صلاة أم زيارة أيها الحبيب؟ فإنّ حالك وأنت تصلي لهو أقرب إلى حال الزائر!

فقال لي: ألا تعرف أن الصلاة وكل العبادات في جوهرها ما هي إلاّ مراسيم متنوعة لزيارات المعصوم وكل عبادة لها روحية معينة في الزيارة ولعل الصلاة من أجمل الزيارات الواجبة للمعصوم لأن فيها وجوب الخضوع والتذلل والتضرع بين يدي المعصوم بشكل أعمق من باقي العبادات!

فقلت له: هوّن عليك قليلاً وحاول أن تفسر لي أكثر!

ماذا تقصد بأنّ العبادات مظهر من مظاهر الزيارة الواجبة الاضطرارية للمعصوم؟

فقال لي: أيها العزيز أنت عندما تتعبد أو عندما تقرأ الأدعية والزيارات وحديث المعصوم هل تفعل ذلك بعقلك وقلبك أم أنّك تفعلها هكذا من دون تأمل وتفكر!

فقلت له: ماذا تقصد؟

فقال: أيها الغالي دعنا نقوم بجولة في النصوص وبما أنّك سألت عن الصلاة بالذات فسوف تكون هي المحور الذي يتمحور عليه كلامي وهي المصداق الذي سوف انطلق منه في تطبيق النصوص وكما يأتي:

* انظر معي في دعاء الندبة: «أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء»!

وفي نفس الدعاء: «أين وجه الله الذي منه يؤتى»!

ثم تأمل في الزيارة الجامعة الكبيرة: «ومن قصده توجه إليكم» بل إنّك في القرآن الكريم حين تقرأ {وابتغوا إليه الوسيلة}!

والآن أخبرني ماذا فهمت؟

فقلت له: منك أتعلم ففهمني!!!

فقال لي: إنّها وباختصار تعني أنّك في كل أحوالك وفي حال العبادة خصوصاً فإنّ توجهك يكون لوجه الله فأنت ستكون في ضيافة وجه الله وعندما تكون في ضيافة أحد فأنت إذن في حالة زيارة له.

فبعبارة أخرى مبسطة تختصر الكلام المختصر أعلاه فإنّ من يريد الله لابد من أن يبدأ بهم (كما في الجامعة الكبيرة وغيرها) ومعنى أن تبدأ بهم هو أن تتوجه إليهم (كما في دعاء الندبة وغيره) والتوجه إليهم في أحد أوضح معانيه وأبعاده هو زيارتهم وهذا هو المراد ببساطة!

أمّا الحديث عن الصلاة خاصة فإنّ هذا المعنى واضح جدا فيها فأنت حين تنوي الصلاة إلا تقول نويت أن أصلي كذا وكذا قربة لوجه الله تعالى! ووجه الله هم أهل البيت عليهم السلام والأمر واضح.

والأوضح من ذلك هو انك حين تقرأ مقدمات الصلاة (الأذان والإقامة) اللذان يمثلان روح الصلاة وعنوانها!

فأنت بشكل واضح تقول لله وللخلق جميعا بأنك الآن تنوي التوجه لزيارة محمد وآل محمد!

فإنّك حين تقول (حي على خير العمل) فأنت تقول للناس تعالوا لنفعل خير العمل وخير العمل كما في حديثهم هو بر فاطمة وآل فاطمة!

فأنت بعبارة أخرى تعطي للصلاة عنواناً أهم فتقول للناس حي على بر فاطمة وآل فاطمة، وأحد أوضح معاني البر هو الزيارة والوصال!

والبر حقيقة مفهوم له أبعاد كثيرة وهي أعمق من الزيارة بكثير ولكن الحديث هنا هو بهذا المستوى من البر!

أمّا الأوضح من كل ما تقدم هو أننا لو بحثنا الأمر من جهة أن الصلاة ليست سوى مظهر من مظاهر المعصوم كما صرحت بذلك أحاديثهم التي أشارت بشكل صريح بأنّهم هم الصلاة…الخ.

فعند ذلك سيكون الموضوع أبسط ولا يحتاج إلى كل تلك المقدمات فإنّ المعصوم هو الصلاة فإذا صليت فأنت تزور المعصوم بكل بساطة!

وحين تنتهي من صلاتك فستودع المعصوم وتسلم عليه بذلك السلام المعتاد في نهاية كل صلاة.

وأخيراً فإنّي أحب أن أبيّن أجمل ما في هذه التكاليف الشرعية الواجبة والمستحبة! وما الصلاة إلا مصداق ومثال لها!

فإنّك حين تفعلها فأنت ستكون في حالة زيارة إجبارية لإمامك تختلف عن كل الزيارات المعتادة؟!

لأنّها ستكون زيارة لذاته المجردة والمنزهة عن الجسمية وعن كل نقص!

فهي ستكون زيارة بين العبد وربه حيث يبدي العبد فيها التذلل والعبودية والرق والانكسار وبين يدي إمام زمانه وليس له من هذه الزيارة إلا ما أقبل عليه بهذه النية وبهذه الحالة.

وهنيئاً لمن تقبل منه هذه الزيارة!

سلام عليك سيدي بقية الله فإنّي والله ما صليت ولا قمت بأي عمل إلا بنية زيارتك فتقبل مني زيارتي.

شاهد أيضاً

صدر العدد الجديد من نشرة اضاءات فكرية

#نشرة_اضاءات_فكرية العدد الرابع لتحميل العدد اضغط على الرابط التالي: https://online.fliphtml5.com/fsffe/zzry/#p=1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *