البحث في فهارس المكتبة:

ضرورة الانسجام في الالتزام الديني والعقدي بين الزوجين

الأسرة المسلمة
ضرورة الانسجام في الالتزام الديني والعقدي بين الزوجين

أن يتزوج الإنسان فتاة غير ملتزمة على أساس أن تلتزم بعد زواجها منه هذا أمر لا نُحبذه. وقد يستغرب البعض هذا الرأي، خاصة أن نوعاً كهذا من الارتباط سيؤدي إلى هداية شخص إلى الالتزام الديني الحقيقي. ألم يرد عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قوله: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن وقال لي: يا علي لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه، وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي».
نحن نقول هذا الموضوع غير مرتبط بمسألة هداية هذه الفتاة أو لا، بل إننا نشجع ونؤكد على هدايتها، وعلى قيام الأخوة والأخوات بعملية الدعوة للإسلام في إطار المؤسسات والمجتمعات التي ينتمون إليها، لكن إياهم أن يربطوا موضوع الدعوة للإسلام بموضوع العلاقة الخاصة، لأن في هذا المجال قد نقع في شبهة واضحة بارتباط التزام هذا لأخت بحلمها بعلاقة مع هذا الشاب.
فكثير من الأخوات في هذه الأيام يحبون الاقتران بشباب متدينين، والسبب أن الشاب المتدين، شابٌ مخلص، ليست لديه علاقات مشبوهة، فعلاقاته تكون محدودة بأطر أخلاقية وشرعية، بهذه الحالة تكون ضامنة أن هذا الشاب مُتعلم وعلى خلق ومتدين ويلتزم بحمايتها ورعايتها، فنجدهن يحبذنه ويتمنينه، وعليه فعندما يطلب منها الالتزام بعد أن يتزوجها لاحقاً تراها تسارع للموافقة، فيكون دخولها للالتزام الإسلامي ملقى عليه ثقل حاجتها للاقتران بهذا الشخص، وفعلاً تتزوجه لتبدأ المشاكل فيما بعد.

الانسجام بين الزوجين في الالتزام الديني ضرورة لنجاح الزواج
عندما نتحدث عن الانسجام بهذا المعنى فإننا نريد أن نقول إن الإنسان كي ينجح في زواجه عليه أن يختار على شاكلته، أي أن يكون الانسجام كاملاً بين الزوجين وعلى كافة المستويات، فإذا اخترت زوجة لا تتناسب معك وليست مساوية لك في الالتزام يجب أن توطن نفسك على أنك ستقع بسلسلة إخفاقات خلال حياتك فهل أنت جاهز لمثل هذا الأمر؟ هل نفسيتك وطبيعتك تتحمل هذا الموضوع؟ وهنا نلفت إلى مسألة طبيعية جداً وهي أن الإنسان المتدين يكون همه الأول أن يُنشئ عائلة متدينة، ومن المعروف أن الأم تلعب الدور الأبرز في عملية بناء الأسرة، فإذا ما كانت هذه الأم غير متدينة فإنها لن تكون قادرة على القيام بهذا الدور، وهذا ما يلقي على الزوج عبء ومسؤولية أن يهيئ نفسه للقيام بمهمتين صعبتين، مهمة في تأمين العيش الكريم لعائلته من خلال العمل، ومهمة تعليم كل العائلة أحكام الإسلام بما فيهم الزوجة ومن المعروف أن الدور الأول يحتاج إلى كامل وقته فكيف سيؤمن القيام بدوره الثاني؟
ومسالة الدور الثاني مسألة كبيرة وهي تحتاج إلى جهد كبير وفي نفس الوقت حث الله عز وجل عليها كثيراً فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}. (التحريم/ 6)
إذاً هذا الزوج قد تكون طبيعة عمله تفرض عليه أن يعود منهكاً مساءً إلى البيت وهو بحاجة ليعيش الحياة الزوجية الخاصة بينه وبين زوجته، وبحاجة أن يقوم بالالتزامات العائلية، كزيارة أهله وأهل زوجته بالأفراح والأتراح، وصلة رحمه، وكل ما يصدق عليه أنه واجبات عائلية.
وإضافة إلى ذلك فإنه مضطر للاعتناء بدراسة أولاده وتلبية حاجاتهم الكثيرة، فمتى يستطيع أن يفقه زوجته؟ وهو عندما تزوجها كان يفكر منذ البداية بأن يقوم بتعليم زوجته كل ما تحتاجه من أحكام الشرع ومفاهيم الإسلام فإذا به يجد أن لا وقت لديه لكل ذلك.
إن اطلاع زوجة المستقبل على الفقه والأحكام والمفاهيم الضروي جداً، لأنها بعد الاطلاع عليها قد تجد نفسها غير قادرة على تحمل هذه الأحكام والالتزام بها، فترفض الزواج منه. والزواج الناجح يفرض على الزوجين الوضوح منذ البداية في كل شيء منعاً للجهالة ورفعاً للغبن.
وأكثر من ذلك فمن خلال احتكاكها بالمتدينات قد تجد أنها لا تستطيع العيش في كهذه أجواء قد تراها هي وبحسب وجهة نظرها واعتقادها أنها أجواء معقدة ومتزمتة.
وهناك الكثير من الزوجات اللاتي وصلن إلى الطلاق ورفضن الاستمرار في الحياة الزوجية تحت حجة أن هذه الأجواء التي تطلب منها صعبة ولا تستطيع تحملها، وعندما سألناهن ألم تكن على علم مسبق بالأجواء التي ستعشن بها؟ كان جوابهن أنهن لو اطلعن على هذه التفاصيل ما كن التزمن وما كن وافقن على هذا الزواج.

 الأسرة المسلمة1

نصائح لمن يريد الزواج من امرأة غير ملتزمة
والذي أقوله هنا إن الهداية والدعوى للدين والالتزام أمر مطلوب ومرغوب جداً وعليه من الأجر ما لا يُعطى لغيره من الأعمال، لكن لا تقرنوا الهداية بالزواج أولاً، وثانياً إذا اضطررتم لأنكم أحببتم وكنتم غير مستعدين للتخلي عن هذا الحب فلتكن كل الأمور المطلوبة من ناحية الالتزام موجودة بل الاقتران العملي، سواء من ناحية الحجاب أو من ناحية الفقه وكذا في كل الأمور الأساسية في الدين، كالعلم بالأمور العقدية الأساسية، والعلم بالأمور الاجتماعية وطريقة العمل والعلاقات الاجتماعية، وهذا كله إذا توافر قبل الزواج فالحمد لله رب العالمين، وليقدم على هذا الزواج أما إذا اقترن بهذه المرأة وهي غير جاهزة لكل هذه الأمور فقط لمجرد أنه عندها نية الالتزام ونية أن تؤمن ونية أن تسير في هذا النهج فعليه أن يوطن نفسه على مشاكل أشرنا إليها في بداية هذا الكلام.
وعليه أن يلاحظ نفسه إذا كان قادراً على مواجهة هذه المشاكل أم أنه غير قادر على ذلك ويبقى في نهاية الأمر هذا خياره الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته.
نحن نعتبر أن الزيجات المنطلقة من فكرة أنني أريد هدايتها من خلال زواجي بها نعتبرها صفقة غير رابحة ونحن نشجع على الهداية كما قلنا ولكن على أن لا تقرن بموضوع الزواج.

شاهد أيضاً

The Warith Magazine Issue 6

– by: The Department of Islamic Studies and Research of The Holy Shrine of Imam …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *