البحث في فهارس المكتبة:

المعجزات القرآنية واهميتها في الهداية

القرآن والتفسير
المعجزات القرآنية واهميتها في الهداية

من وسائل توضيح الأفكار، و تبيان المعاني، أن يلجأ الكاتب، أو المتكلم، إلى استخدام المقارنات، و الموازنات، و المقابلات، حتى يسهل الفهم، و تتضح الحقيقة، و تنجلي الغوامض فى الأفكار المطروحة، و الآراء المعروضة، و بدون استخدام لذلك يصعب على القارئ أو السامع الإلمام بالمراد، أو الفهم السريع لما يعرض من رأي أو فكر.

و قد درج الناس من قديم الزمن أن يعرفوا الشيء بنقيضه، فلا يحس الإنسان بقيمة الضياء و الإشراق، و ما يرسله من طمأنينة إلى النفس و راحة و هدوء، إلا إذا خيم عليه الظلام بكل ما يحويه من فزع، و رعب، و خوف، يعكر على النفس هدوءها، و يجعلها تحس بما كانت تنعم به قبل ذلك من نعمة.

كما لا يحس الإنسان بقيمة ما ينعم به من صحة، و راحة نفس و جسد، و نعم أنعم اللّه بها عليه، إلا إذا ألمت به تلك المتاعب الصحية و الجسدية التى تصيبه فى عضو من أعضائه، فتمنعه الحركة، أو تقعد به عن السعي في سبيل العيش. . . إلخ ما هنالك من أمور متناقضة و متقابلة تحمل فى طياتها غموضا أو تعميما.

و نحن في معرض كلامنا عن المعجزات، إنما نقصد إلى تجلية الحقائق، و إبراز الحكمة الإلهية من وراء استعراض تلك المعونات الكبرى التى منحها اللّه جل فى علاه لأوليائه الصالحين المخلصين، و عباده المرسلين، و أنبيائه المصطفين على مر العصور و ما كان لذلك من أثر فى الهداية و الإرشاد للأقوام السابقين، ثم الانتقال بعد ذلك إلى تلك المعجزة الخاتمة الكبرى، و هى معجزة القرآن الكريم.

فما المقصود بالمعجزة؟ و كما يفهم من اسمها، فهي أمر خلقه اللّه تعالى بقدرته القاهرة، لا تستطيع قدرة البشر على إحداثه، كما لا يمكن لقواهم الجسدية، و العقلية، و الروحية، أن تفعله أو تحدثه، فليس بمستطاع إبراهيم، عليه السلام، أن يمنع النار من الإحراق، كما لا يستطيع موسى، عليه السلام، أن يجعل العصا ثعبانا مبينا يلتقط ما فعل سحرة فرعون، و ليس بإمكان عيسى، عليه السلام، أن يحيي الموتى، أو أن يبرئ الأكمه و الأبرص.

و لكن اللّه جلت قدرته منح هؤلاء العباد قوة من عنده، تجعلهم يقدرون على إحداث ذلك أمام الناس الذين يشعرون بالعجز أمام تلك القوى، يمنح اللّه هؤلاء العباد و الرسل تلك الخوارق و المعجزات تأييدا لهم، و تصديقا لما أتوا به من رسالة، و لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثل هذا الأمر الخارق للعادة؛ لأنه بقدرة اللّه جرى على أيديهم.

و يرى ابن خلدون فى مقدمته، أن الرسول يحمل إلى قومه أمرين:

١-شريعة يوحى بها إليه، و يدعو الناس إلى اتباعها.

٢-معجزة بين يدى هذا الموحى به تشهد له بأنه رسول من عند اللّه، و أنه صادق فيما يتلقاه، فلا ينظر قومه فى دعوته قبل أن يقيم لهم الحجة على أنه رسول من عند اللّه إليهم، و ذلك مما يظهره اللّه على يديه من المعجزات المادية و المحسوسة.

و إذا نظرنا إلى دعوة إبراهيم، عليه السلام، و صحفه التى حملت شريعته، وجدناها تختلف عن معجزة النار و نجاته من إحراقها، و كذلك إبراء الأكمه و الأبرص، و إحياء الموتى، بالنسبة لعيسى، عليه السلام، تختلف عن شريعته إلى بني إسرائيل من دعوة للإيمان باللّه الواحد، و إتمام رسالة موسى، عليه السلام، فالخوارق فى الغالب تقع مغايرة للوحي الذى يتلقاه النبي، إلا معجزة القرآن الكريم، فهي الوحي المدّعى، و هو الخارق المعجز الذى تشاهده في عينه، و لا يفتقر إلى دليل مغاير له مع الوحي، كما هو الشأن فى سائر المعجزات.

شاهد أيضاً

The Warith Magazine Issue 6

– by: The Department of Islamic Studies and Research of The Holy Shrine of Imam …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *