*تأليف: كاظم سلمان الغراوي
مقدمة اللجنة العلمية
لم تُعد ظاهرة السحر حالة يتداولوها أصحابها، بقدر ما هي ظاهرة تفرض نفسها على واقعنا الحاضر، وتاريخنا الانساني بكل توجهاته وكيفياته، أي هي ظاهرة تاريخية تزامنت مع أحداث كثيرة، وتكفل ببيانها القرآن الكريم وأشار الى آثارها لكنهقلل من أهميتها حينما كان قوم موسى يحتفون أمانيهم على مستوى موسى عليه السلام، وانتهت اسطورة السحر الى خرافة يقصمها التحدي الاعجازي الذي أبهر الجميع فآمن السحرة برب موسى الذي أبطل خرافتهم التقليدية.
وأضحى السحر ضمن التراث الانساني أمراً مجهولاً الا أنّه يهيمن على الحالة النفسية العامة، ويقود توجهات كثير من الجهلة والمغرر بهم، حتى قدّم الاسلام رؤيته العقلانية في هذا المجال وأثرى الحركة العلمية بشكل يتطلع إليه الجميع لحل هذه الاشكالية الغامضة، ولم ننكر أن ظاهرة السحر هيمنت على توجهات الكثير من الجهلة وقادتهم الى حيث يريد روادها من انقياد أتباعهم الى حيث يريدون، وتصاعدت جهود أصحاب السحر مع تصاعد الدعوات المهدوية الكاذبة، وذوي المحاولات الزائفة التي انساقت من ورائها قطعان من الجهلة الذين انصاعوا الى السحر والشعوذة والكهانة وغيرها، ولعل المشكلة الحقيقية في ذلك هي قلة الوعي المعرفي أو انعدامه لدى بعض القطاعات من الناس وعدم تمييزهم بين السحر وبين المعجزة إذ لم يميزوا بأن الاعجاز هو التحدي الالهي لاثبات الحق، وأن السحر هو الهيمنة الشيطانية على حواس الفرد لتقوده الى حيث تشاء من المحرمات والمعاصي، واذا كان الاعجاز هو حقيقة واقعة في تغيير القاموس الكوني، فان السحر خرافة يهمين على حواس ومشاعر الانسان ليقوده حيث يشاء، ومن هنا تأتي الحاجة لداسة علمية تفرّق بين المعجزة والسحر وبين ما يمتلكه الأنبياء والأولياء من ولاية تكوينية بإذن الله تعالى وبين ما يسعى إليه الساحر من استجداء شيطاني للسعي وراء الحصول على مكاسب شخصية، وبهذا ستقدّم هذه الدراسات وأمثالها حلولاً لاشكاليات الفرق بين المعجزة التي هي اثبات الحق للولي الالهي، وبين السحر والشعوذة وغيرها التي هي اثبات الوجود الباطل للولي الشيطاني الذي يسعى لابطال الحق الذي جاء به الأولياء من لدن الله تعالى.
ومن هنا جاءت دراسة الباحث الاستاذ كاظم سلمان الغراوي الذي فرّق بين المعجزة الالهية وبين ما يقابلها من السحر وغيرها وذلك في بحثه الموسوم “الفرق بين المعاجز الالهية وبين السحر وتحضير الارواح” والذي استطرد تاريخياً من الأنبياء عليهم السلام وما كانوا يبطلون به أكذوبة السحر والتي هيمنت على الكثير من الناس وخلطوا بين المعجزة وبين السحرة وما يتضمنه البحث من بحوث في تحضير الارواح وعلاقة عالم البرزخ بذلك، وبحث ما يتعلق بالقوى العلوية السماوية التي تعاطى معها البعض والعلاة الحقيقية بينها وبين القوى السفلية، وهكذا نجد أن الباحث ركز على أهم الفصول التي من شأنها أن تكشف زيف المدعين والذين هيمنوا من خلال أعمالهم الشيطانية على الكثير من عقول الجهلة ونفوسهم.
عن اللجنة العلمية
السيد محمد علي الحلو