البحث في فهارس المكتبة:

من أمثال وحكم نهج البلاغـة

أمثال وحكم في نهج البلاغة
أمثال وحكم في نهج البلاغة

آخرُ الدّواء الكيّ
هذا الكلام تمثّل به (عليه السّلام) في كتاب له جواباً لقوم سألوه عقاب من أجلب على عثمان بعد ما بويع: (يَا إِخْوَتَاهْ إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ… وسَأُمْسِكُ الأمْرَ مَا اسْتَمْسَكَ، وإِذَا لَمْ أَجِدْ بُدّاً فَـ «آخِرُ الدَّوَاءِ الْكَيُّ»).
(لأنه إنّما يقدم عليه بعد أن لا ينفع كلّ دواء… أي إذا أعضل وأبى قبول كلّ دواء حُسم بالكيّ).

اتباع الكلب للضرغام يلوذ إلى مخالبه
وهو من كتاب له (عليه السّلام) إلى عمرو بن العاص: (فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا امْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ، مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ الْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ، ويُسَفِّهُ الْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ. فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ، وطَلَبْتَ فَضْلَهُ «اتِّبَاعَ الْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ بِمَخَالِبِهِ»، ويَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ، فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وآخِرَتَكَ، ولَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ…).
إذا دنئت نفس المرء غربت عنها المكارم الإنسانيّة والأخلاق المرضيّة، ورسخت فيها أضدادها واستحكمت خِلال البهائم والسباع فيها إلى الغاية، فإذا استولى الغضب عليها فأسدٌ مفترسٌ لا همّ له سوى الافتراس، وإذا ملكها الطمع فصاحبها كلب لائذ ينتظر ما يلقى إليه، أو الاحتيال فثعلب.. وهلمّ جرّاً في كلّ خصلة تختصلها السباع والحيوانات، تنكشف لذوي البصائر من الناس فضلاً عن أمير المؤمنين الذي يرى الأشياء كما هي. إذا وصف شيئاً منحه نعوته الجديرة به؛ لأنّه (عليه السّلام) الحَكَم العدْل الذي يعطي كلّ ذي حق حقّه، فمن نظر إلى معاوية وابن العاص وجد الخلال التي بيّنها الإمام (عليه السّلام) من الفسق وشين الكريم وتسفيه الحليم فيهما، وأنّهما يجريان مجرى الكلاب والأسود عند الفريسة، تابعة متبوعة.
وعن ابن مزاحم في كتاب صفّين بلفظ: (أمّا بعد فإنّك تركت مروءتك لامرئ فاسق مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه ويسفّه الحليم بخلطته، فصار قلبك لقلبه تبعاً كما قيل: (وافق شن طبقة)[٧]. فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك… فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما لليل دجى أو أتى الصبح، يلتمس فاضل سؤره وحوايا فريسته، ولكن لا نجاة‌ من القدر…).

الآن رجع الحقّ إلى أهله
وهو من خطبة له قال فيها: (لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ، ولَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً، هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ، وعِمَادُ الْيَقِينِ. إِلَيْهِمْ يَفِيءُ الْغَالِي، وبِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي، ولَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ، وفِيهِمُ الْوَصِيَّةُ والْوِرَاثَةُ «الْآنَ إِذْ رَجَعَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ» ونُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ).
يريد (عليه السّلام) بذلك رجوع الخلافة بعد اغتصابها إليه أيّام خلافته، ولا يشكّ عربيّ في معنى (رجع الحق إلى أهله) أنّ فيما قبله غير أهل له ؟! والكلام المتقدم ينصّ على انحصار الوصاية والوراثة، وهي الخلافة المنصوصة. والحديث ذو شجون.

صَاحِبُ السُّلطانِ كَراكِبِ الأَسَدِ
من تمثيلات الإمام (عليه السّلام):(صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الأسَدِ يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ وهُوأَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ).
جاء التحذير البالغ في أحاديثهم (عليهم السّلام) من الدخول إلى دواوين الظلمة والسلاطين وإعانتهم ولو بقطّ قلم. إذ لا يُؤمن معهم من المعاصي وقتل النفس المحترمة واغتصاب أموال الناس، بل وترك جميع ما أوجبه الله (عزّ وجلّ) وركوب ما نهاه.
ثمّ الإمام (عليه السّلام) أراد من التمثيل براكب الأسد خطورة الأمر، حيث لا يأمن راكبه من الهلاك ؛ ولعلّه يعمّ كلّ متسلّط لم يقيّده الإيمان ومقتدر وإن لم يكن بسلطان.

شاهد أيضاً

The Warith Magazine Issue 6

– by: The Department of Islamic Studies and Research of The Holy Shrine of Imam …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *