صدر حديثاً! (أسماء الامام الحسين عليه السلام وألقابه المنصوصة) لمؤلفه السيد حسين هادي المدرسي، ومن اصدارات شعبة الدراسات والبحوث في قسم الشؤون الفكرية والثقافية.
ويعد هذا الكتاب بادرة مباركة في سبيل معرفة الامام الشهيد المظلوم عليه السلام عملاً بقولهم وامرهم عليهم السلام، حيث ورد عن الامام الباقر عليه السلام: (من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتى يعرفوا إمامهم )، وحديث الصادق عليه السلام: (من زار قبر الحسين بن علي عليهما السلام يوم عاشورا عارفاً بحقه كان كمن زار الله في عرشه).
ومما ذكره السيد المؤلف في مقدمته:
أمّا بعد، فهذا ما وجدتُه من النصوص الشريفة، والمآثر الجليلة من المجاميع الحديثية المشهورةم لدى الأصحاب (قدّس الله أسرارهم) في أسماء الإمام الحسين عليه السلام ألقابه المباركة، فلابدّ من التعرّض لأمور..
إنّ سيرة الإمام الحسين عليه السلام ونهضته الشريفة تنطوي على قصّة جميع الأنبياء عليهم السلام، ومشروعه عليه السلام هو خلاصة مشروعهم، وجوانحه خزانة جميع كتب السماء، وشأنه ليس أصغر من الكون، وكلّ محاولة لتأطير قضيّته بفترة زمنيّة محدودة ومكان معيّن ظلم وجهل بحقّه.
ووقوف الإمام الحسين عليه السلام أمام طاغية زمانه ومقارعته للظالمين لم يكن إلا واحدا من أهدافه وغاياته.
لأجل هذا فقد أهتمّ النبيّ الخاتم صلى الله عليه واله وسلم وكلّ واحد من أئمّة أهل البيت عليهم السلام بالتأكيد الحثيث على إحياء أمر الإمام عليه السلام، وتبيين الزوايا المختلفة من قيامه، وأبعاد شخصيّته، وشامخ مقامه وعظيم أمره..
يتبين من خلال النظر في الأحاديث أنّ للإمام عليه السلام أدواراً متعدّدة، بعضها ظاهر وبعضها باطن، وبعضها في الماضي، وبعضها في الحاضر والمستقبل، وبعضها في الأرض وبعضها في السماء، وبعضها في الدنيا وبعضها في الآخرة، وأنّ كربلاء عنوان أعظم ملحمة في التاريخ، وأكّدوا لذلك على إحياء أمره، وتعاهد قبره، وزيارته من قريب أو بعيد، ودوام ذكره، والبكاء عليه في كلّ زمان ومكان، كي يسعد من يسعد بمعرفته وشفاعته.
الكتاب الذي بين يديك يتضمّن 309 اسماً ولقباً وصفة للإمام أبي عبد الله عليه السلام تم جمعها بتوفيق الله وعناية من وليّه عجل الله فرجه الشريف مع علمي بوجود عدد غير قليل غاب عنّي، عسى أن أوفّق لاستقصائه في المستقبل.
ثم اعلم أنّ أهميّة معرفة الأسماء والألقاب تأتي من جهات عدّة؛
الجهة الأولى: أنّها مفتاح معرفة مقامات الإمام عليه السلام بالبداهة، وستلاحظ إن شاء الله أنّ لسيّد الشهداء عليه السلام صفات يشترك فيها مع خيرة الخلائق، كصفة (حبيب الله) التي هي للنبيّ الخاتم صلى الله عليه واله وسلم، وله صفة (خليل الله) التي هي لإبراهيم الخليل عليه السلام، وله صفة (روح الله) التي هي لعيسى بن مريم عليهما السلام، وله صفة (سفير الله) التي هي للأنبياء السَفَرة عليهم السلام.
والملاحظة المهمّة هنا هي أنّ الله تعالى بحسب ما ورد في النصوص الدينيّة كما أخذ العهد على جميع العباد بالإقرار بالربوبيّة له والنبوّة لنبيّه صلى الله عليه واله وسلم في عالم العهد والميثاق، فإنّه أخذ الميثاق أيضاً بالإمامة للأئمّة المعصومين عليهم السلام، وبالتالي فمعرفة الحسين عليه السلام هي فطريّة وإن كانت مغفول عنها، ودلالة الأسماء على معروف غير مجهول. ففي تفسير القمّي، عن الصادق عليه السلام:
كَانَ الْمِيثَاقُ مَأْخُوذاً عَلَيْهِمْ لِلهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه واله وسلم بِالنُّبُوَّةِ، وَلِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَئِمَّةِ عليهم السلام بِالْإِمَامَةِ، فَقَالَ: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه واله وسلم نَبِيَّكُمْ، وَعَلِيٌّ عليهم السلام إِمَامَكُمْ، وَالْأَئِمَّةُ الْهَادُونَ عليهم السلام أَئِمَّتَكُمْ، فَقالُوا: بَلى شَهِدْنا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ أَيْ لِئَلَّا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِين.
وفي الخرائج، عن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم في خبر:
إِنَّ لِلْحُسَيْنِ عليه السلام فِي بَوَاطِنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةٌ مَكْتُومَة.
معرفة هذه الأسماء إذن باب معرفة المسمّى بها، وسبيل تجلّي الفطرة التي فُطر الناس عليها، ليجد العبد المؤمن طعم الإيمان، ويشمّ رائحة ثمرة الفردوس بروحه، ويسمع واعية الغريب المظلوم بمسامع قلبه، ويلمس طهره وطيبه في مكنونه، فيعلم موقناً بحقيقة إيمانه أنّ الحسين هو (أطيب الطيبين) و(أطهر الطاهرين) _ كما في الأثر_، فيحبّه صدقا، ويتولّاه حقّاً، ويشهد له بالإمامة من الله، ويبرأ من عدوّه وقاتله، ويكون الإمام (حبيبه) في الدنيا والآخرة، و(ركنه) و(ربيعه)، وكلّ اسم له هذا الأثر.