تأليف:السيد محمود الموسوي
مقدمة المؤلف:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على محمَّد وآله الطيبين الطاهرين.
كلّما شعر المرء بالظمأ أسرع الخطى نحو منبع الماء الزلال ليروي عطشه، وكلّما أراد المتعلّم أن يتزوّد من العلم فهو يسعى ناحية أستاذه الذي يعتبره ملهم المعارف، ونحن إذ لم نعش بأبداننا مع أهل البيت عليهم السلام الذين هم مصدر كل نور وخير وهدى، ولم نخالطهم كما خالطهم أصحابهم ومريدوهم وموالوهم، فعندما تظمأ أنفسنا وتحتاج إلى غيث الإيمان، وتحتاج قلوبنا إلى زاد التقوى، وعندما تتطلع عقولنا لبصائر المعرفة وبيّنات الهدى، فإننا لا نجد أقدامنا إلا وقد انتهت بنا خطواتها إلى العتبات المقدّسة لأهل البيت الأطهار عليهم السلام، قاصدين زيارتهم متفيّئين ظلالهم الوارفة.
فزيارة أهل البيت عليهم السلام أمواتاً كزيارتهم أحياءً، بل إنهم أحياء عند ربهم يُرزقون، فيسمعون الكلام ويردّون السلام ويتلقّون السؤال، ولكن الله حجب عن أسماعنا كلامهم، وعوّضنا بذلك الإجابة عند قبابهم النوراء، آثاراً لبركاتهم عليهم السلام، وأشعرنا برد عطفهم علينا.
إضافة إلى ذلك، فإن تلك الزيارات هي مدارس خاصة نعيش خلالها دورات العطاء ودروس التربية، ونتزوّد منها جرعات الإيمان، ونستلهم مواقفنا في الحياة، ومن هنا أصبحت الضرورة ملحّة للسعي نحو تسجيل أنفسنا ضمن وفد الزائرين لكل العتبات المقدّسة لأهل البيت عليهم السلام، كي لا نُحرم أسمى عطاء وأروع تربية وأصدق إيمان وأعذب زاد لحياتنا.
ونحن في هذا الكتاب نتناول زيارة أمين الله كمادة دراسية ملهمة للنفس والعقل معاً، تطبيقاً عملياً لمهام الزيارات في المعرفة الدينية، ولنرى كيف يمكن أن نعيش في كنف أهل البيت عليهم السلام ونسكن إلى ظلهم الحاني، ونلتحف رأفتهم الرقيقة.
زيارة أمين الله التي جاءت على لسان الإمام زين العابدين، علي بن الحسين عليهما السلام، هي زيارة للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام في الأساس، ولكن يُزار بها كل الأئمة المعصومين في كل العتبات المقدّسة، فهي عنوان الزيارات وجامع مشترك للتواصل مع نور أهل البيت عليهم السلام، ومختصر نوراني لما فصّل في زياراتهم المختلفة، زيارة عظيمة القدر، عالية المضامين، جليلة الرسالة، متينة في سندها ونصّها المبارك، كما عبّر عنها العلماء الأعلام.
فلنسمح لأنفسنا بالانطلاق مع حروفها النورانية، محلّقين في سماء العظمة مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، راجين أن يكون التطلّع لزيارات أهل البيت عليهم السلام يتنامى في هذا النوع من التعاطي الواعي الملهم، لتعم بركاتهم عليهم السلام أرجاء الأرض وعنان السماء.
ولقد كتبت أصل هذا الشرح وأنا أعيش أياماً عصيبة فترة الاعتقال أول سنة 2014م، وقد أنهيته في يوم الخميس الموافق 6/2/2014م، وبعد الإفراج قمت بتنضيده وتوثيق مصادره، وطبع في قم المقدّسة عبر مركز الفكر الرسالي للدراسات والأبحاث في شهر شوال من سنة 1437للهجرة، الموافق 2016للميلاد، إلا أنني أعدت النظر في مختصرات السابق وأضفت بعض التوضيحات والتغييرات، وبعض المطالب الجديدة فيه، ليخرج إلى النور بهذه الحلّة التي بين يديك، راجياً من الله سبحانه وتعالى أن ينظر لهذا الجهد البسيط بالقبول الحسن، وأن يتجاوز عن هفواتي وقصوري، وراجياً من أمير المؤمنين عليه السلام أمين الله على خلقه، أن يؤمنني يوم الفزع الأكبر بشفاعته سلام الله عليه.
محمود الموسوي
البحرين، بني جمرة