*السيد محمد القبنجي

ثقافة الانتظار.. مفردة من مفردات ثقافة أهل البيت عليهم السلام ومنهج من مناهج أدبيات خطابهم.. إنها ثقافة الإنسانية متجهة نحو كمالاتها في الإصلاح والارتقاء إلى معارج الوعي في علاقتها بهذا الكون ومكنوناته.. هكذا يمكننا أن نقرأ الانتظار بثقافته الإنسانية وبمنابعه الإسلامية الصحيحة، وليس الانتظار كما تصورته مدارس السلطة بأنه الخنوع والاستكانة والخضوع.. إنّه العمل والبناء نحو إنسانية يسودها السلام ويعمها الود والتفاهم.
هذه هي فلسفة الانتظار في مذهب أهل البيت عليهم السلام خلق الإنسان الفاضل وبناء المجتمع الأفضل، ومعنى هذا أن يكون عملاً دؤوباً وإصلاحاً دائماً ضمن آليات وبرامج لا يحسن (فنها) و(صناعتها) إلاّ أهل البيت عليهم السلام.
فلا يقال إنّ ثقافة الانتظار لم تأخذ طريقها في المدارس الأخرى، بل إنّها محقت هذه الثقافة وصودرت إلى رؤية سلبية تعكس شعوراً منكسراً، أو سلوكاً متخاذلاً، أو قصوراً في الوعي تصوره بعض قنوات السياسة بأنه لا يعدو عن انتظار لحدث لا يدخل في شأنه أحد من أولئك الذين يتطلعون إليه، وإنها هي حالة تمن لا تتعدى أحلام الخيبة وآمال اليائسين، وبهذا يأخذ الانتظار في مفاهيم الآخر منحى متكاسلاً لا يتعدى عن تصورات غير حقيقية، في حين كاد الانتظار في مفهوم مدرسة أهل البيت عليهم السلام أن يكون ثورة، وبالفعل فهو ثورة إصلاح ومحاولات تغيير ضمن آليات وضع أسسها أهل البيت عليهم السلام ونفذها أتباعهم ضمن برنامج حثيث يشمل خطاباً متكاملاً وينظم سلوكاً قويماً يتكفل ببناء شخصية المنتظر، وبصيغة أخرى كيف تكون منتظراً حقيقياً ضمن سير تكاملي في الرؤية والسلوك؟