*بقلم: سيد حسام أبو قدر
هناك تعاريف مختلفة للمسلم منها ما يلي:
أوّلاً: التعريف العام
المسلم هو من أقرّ بالله رباً وإلهاً واحداً وينفي الربوبية والأُلوهية لغيره، يقر بنبوة النبيِّ محمد
صلّى الله عليه وآله. ويتخّذ الإسلام ديناً، ويتبع النبيَّ الأكرم محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله نبياً ورسولاً، ويكون مسلِّماً لأوصيائه عليهم السلام.
كذلك يتخذ القرآن الكريم كتاباً للهداية، وتكون الكعبة قبلته.
وقيل: مسلم من كلمة (مسلم)، وهي اسم فاعل من (أسلم) وجمعها في حالة الرفع (مسلمون) وفي حالة النصب (مسلمين) ومؤنّثها (مسلمة) وجمع التأنيث (مسلمات).
ويعرّف المسلم لغوياً بأنّه الشخص المعتنق لدين الإسلام.
وقد يطلع على معانٍ كثيرة، منها المسلّم أو المستسلم أو المخلص أو الخاضع، المنقاد.
وقيل المسلم هو الذي يؤدّي أركان الإسلام وهي ما يبنى عليه الإسلام، وقد أشار القرآن الكريم إلى أنّ أول من استخدم هذا المصطلح هو نبيُّ الله إبراهيم على نبيّنا وآله وعليه السلام، ورد ذلك في قوله تعالى: {وجَاَهدِوُا فيِ اللَّه حقََّ جِهاَدهِ هوُ اجتَْباَكُم ومَاَ جعَلََ علََيكُْم فيِ الدِّينِ منِ حرَجٍَ مِّلَّةَ أَبيِكُم إبِرْاَهيِم هوُ سمََّاكُم المْسُلْمِيِن منِ قَبلُْ وفَيِ هذََٰا ليِكَُون الرَّسوُلُ شهَِيدًا علََيكُْم وتَكَُونُوا شهُدَاَء علََى النَّاسِ فَأَقيِموُا الصَّلةَ وآَتُوا الزَّكَاة واَعتَْصمِوُا باِللَّه هوُ موَلَْكُم فَنعِمْ المْوَلَْى ونَعِمْ النَّصيِر}. [ الحج: 78 ]
ثانياً: التعريف الخاص
هناك تعاريف مختلفة غير التعريف العام بالنسبة للمسلم، مع وجود مسؤوليات ووظائف خاصة يمكن إطلاق كلمة المسلم على من يسير بالمنهج الصحيح الذي رسمه لنا أهل البيت عليهم السلام.
منها: في المعاملة بين الناس، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «… ألا أُنبئكم من المسلم، المسلم من سلم الناس من يده ولسانه… ».(صفات الشيعة: 31 ).
فعرّف النبيُّ الأكرم صلَّى الله عليه وآله في حديثه الشريف أنَّ المسلم من سلم الآخرون من يده ولسانه، وهذا يرشدنا إلى أخذ الحذر في التعامل مع الناس.
فضلاً عن مساعدة الناس في قضاء حوائجهم؛ فمن أراد أنْ يكون مسلماً عليه أنْ يكفَّ الأذى عن
الآخرين سواء بلسانه أو بيده.
والمسلم من أسلم كلَّ شيء لله والرسول وأولي الأمر، والتسليم لهم هو تفويض الأُمور جميعاً لهم.
وقيل: إنّ الإسلام له ظاهر وباطن:
فظاهره الإقرار بالتوحيد التام والكامل وهوالإقرار بتوحيد الله ونبوة محمد صلى الله عليه وآله
وإمامة عليٍّ عليه السلام.
وباطنه التسليم بولاية آل محمد، ووصايتهم وأنّ ولايتهم هي ولاية الله تعالى، وهي ممتدة من التوحيد.
لذا يتبين أنّ للإسلام بداية ونهاية، فبدايته الإقرار بالتوحيد ونهايته التسليم لولاية الأئمة؛ قال تعالى:
{فَل ورَبَِّك لَ يؤُمْنِوُن حتََّى يحُكَِّموُكَ فيِماَ شجَرَ بيَنْهَمُ ثُمَّ لَ يجَِدوُا فيِ أَنفُسهِِم حرَجًَا مِّمَّا قَضَيتْ ويَسُلَِّموُا
تسَلْيِمًا}. [ النساء: 65 ]
وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام: «الإسلام هو التسليم »، أي التسليم للحقيقة التي هي إمامة أهل البيت وولايتهم التكوينية والتشريعية، التي هي الإمامة الإلهية.
عن الإمام العسكري عليه السلام في تفسير قوله تعالى {يا أَيهُّاَ الَّذيِن آمنَوُا ادخْلُُوا فيِ السِّلْمِ كَافَّةً} أنهّ قال: «يَعْنيِ فِي السِّلْمِ وَالْمُسَالَمَةِ إِلَى دِينِ الإِسْلامَِ كَافَّةً جَمَاعَةً ادْخُلُوا فِيهِ، وَادْخُلُوا فِي جَمِيعِ الإِسْلامَِ، فَتَقَبَّلُوهُ وَاعْمَلُوا فِيهِ، وَلا تكَُونوُا كَمَنْ يَقْبَلُ بَعْضَهُ وَيَعْمَلُ بهِِ، وَيَأْبَى بَعْضَهُ وَيَهْجُرُهُ »؛ قَالَ: «وَمِنْهُ الدُّخُولُ فِي قَبُولِ وَلاَيَةِ عَلِيٍّ عليه السلام كَالدُّخُولِ فِي قَبُولِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، فَإِنهَُّ لا يَكُونُ مُسْلِما مَنْ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، فَاعْتَرَفَ بِهِ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِأَنَّ عَلِيّاً وَصِيُّهُ وَخَلِيفَتُهُ وَخَيْرُ أُمَّتِهِ ».(تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 627 ).
وعن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبيِ جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ:
«يَا سُلَيْمَانُ أَتَدْرِي مَنِ الْمُسْلِمُ؟ »، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنتَْ أَعْلَمُ، قَالَ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ». (الكافي الشريف: 2/ 234 ).
وعَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ حَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الصيَّْقَلُ:
عَنْ أَبيِ طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: «لَا تنَظُْرُوا إِلى طُولِ رُكُوعِ الرَّجُلِ وَسُجُودِهِ؛ فَإِنَّ
ذلِكَ شَيْءٌ اعْتَادَهُ، فَلَوْ ترََكَهُ اسْتَوْحَشَ لِذلِكَ، وَلكِنِ انظُْرُوا إِلى صِدْقِ حَدِيثِهِ، وَأَدَاءِ أَمَانتَِهِ .»
(الكافي الشريف: 3/ 273 ).
أي أنّ إسلام الرجل ليس بطول ركوعه في الصلاة أو إطالة السجود فقط، بل المسلم عليه أنْ يدخل في كلِّ الأُمور الخاصة بالإسلام والمسلمين، منها التعامل بين الناس والمجتمع، بصدق وخير وصلاح، وأداؤه للأمانة، وهو جزء من المعاملة بين الآخر أيضاً.
وورد في حديث الإمام عليٍّ عليه السلام وكيف ينسب الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبله ولا بعده.
فعن مُحَمَّد بْن يَحْيَى الْبَغْدَادِيِّ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنيِنَ عليه السلام أَنهَُّ قَالَ: «لََنسُْبَنَّ الِْسْلَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي وَلَ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ بَعْدِي، الِْسْلَمُ هُوَ التسَّْلِيمُ، وَالتسَّْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصدِْيقُ، فَالتَّصدِْيقُ هُوَ الِْقْرَارُ، وَالِْقْرَارُ هُوَ الَْدَاءُ، وَالَْدَاءُ هُوَ الْعَمَلُ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَخَذَ دِينهَُ عَنْ رَبّهِِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُعْرَفُ إِيمَانهُُ فِي عَمَلِهِ وَإِنَّ الْكَافِرَ يُعْرَفُ كُفْرُهُ بإِِنكَْارِهِ، يَا أَيُّهَا الناَّسُ دِينكَُمْ دِينَكُمْ فَإِنَّ السَّيِّئَةَ فِيهِ خَيْرٌ مِنَ الْحَسَنَةِ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّ السَّيِّئَةَ فِيهِ تُغْفَرُ، وَإِنَّ الْحَسَنَةَ فِي غَيْرِهِ لَا تُقْبَلُ ». (تفسير القمي: 1/ 100 ).