البحث في فهارس المكتبة:

الغناء وآثاره على الفرد والمجتمع

تأليف: الشيخ رائد الحيدري

مقدمة المؤلف:

اعتمدنا في هذا الكتيّب أسلوبًا مبسّطًا تيسيرًا على القارئ الكريم ولتعمّ الفائدة أغلب شرائح المجتمع المختلفة وليستفيد منه عموم المؤمنين نسأله تعالى التوفيق والسداد وأن ينفع به مجتمعنا الحبيب.
تمهيد:
تُعُّد ظاهرة انتشار الغناء والموسيقى واستماعهما في أوساط من ينتسبون إلى الإسلام من الأمور التي تشكّل انتكاسة لتلك المجتمعات، حيث ورد النهي عنهما في كثير من آيات الذكر الحكيم والسنة المطهرة الواردة على لسان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام). وإذا كان الزمان الغابر قد أخذت فيه هذه العادة حيزاً ضيقاً على مجال التداول من حيث مجالسها وكمية روّادها، فاليوم أصبح الوضع يختلف كثير الاختلاف، فتحولت مجالس الغناء والموسيقى من تجمعات ضيقة تقتصر على بعض الأفراد إلى فضائيات موجهة تبث الكليبات الغنائية التي تخدش الحياء وتهيج كوامن الغرائز، لما تحتويه من مقاطع فاضحة.
قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يرْجِعُونَ}.
فاتبعت هذه الفئة أهواءها وخضعت لشهواتها التي أعمت بصائرها، بل قادتها إلى مواطن الذل والخسران واستحكم حب الدنيا في قلوبها، فضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة خسران كبير، يعوّلون على الرجاء الكاذب والأمل الذي لا ينتهي، يسبحون في بحر الغي والضلالة، أحاطت بهم الغفلة من كل مكان فلا يبصرون نور الله تعالى {فَإِنهَا لا تعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتبعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يلْقَوْنَ غَيًّا}.
نبذة عن تاريخ الغناء:
إن تاريخ الغناء والموسيقى تاريخ قديم ربما يصل إلى عهد السومريين. فقد كشفت الحفريات الأثرية أبّان القرن العشرين في موقع الوركاء بمنطقة السماوة قرب نهر الفرات في معبد آلهة الخصب – اينانا – على آلات موسيقية، مثلما وجدت آلات طرب أخرى في قصور الملوك وقبورهم، كانت أبرزها آلة القيثارة الموسيقية الشهيرة وكانت هذه الآلة مرصعة بالأحجار الكريمة.
أما في القرون الوسطى، فقد ظهرت عدة صور للغناء منها ما أظهره الغجر، وهذا اللون كان يمارسه أناس متنقلون يسلّون العوام ويجمعون ما تيسر لهم من المال. وهؤلاء وجدوا طريقهم من خلال هذه الصنعة إلى عمل الموبقات، وهذا ما يبتعد عنه أهل الحشمة.
ثم تطور الأمر ولم يعد الغناء الذي ينشده الجوالون في الأسواق مقتصراً على الغجر، إنما استعمله بعض الشعراء، ثم شيئاً فشيئاً حتى وجد هذا الفعل طريقه إلى بلاط بعض الحكام والأمراء المسلمين، حتى أصبح الأمر متعارفاً لديهم، بل إن كل واحد من هؤلاء كان عنده فريق خاص من المغنين والموسيقيين يقومون بتسليته إذا تطلب الأمر.

شاهد أيضاً

الامام الحسين عليه السلام في كتاب الطبقات الكبير لمحمد بن سعد

صدر حديثاً عن شعبة الدراسات والبحوث الاسلامية في قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *